بسم الله الرحمن الرحيم،
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
أيها الإخوة في الله، بالأمس كنا في استقبال هذا الضيف الكريم، شهر رمضان المبارك، وها هو الآن قد مضى منه قرابة الثلث.
والذي ينبغي للمسلم إن كان ممن حصل عنده تقصير فيما مضى-وكلنا كذلك- عليه أن يتدارك نفسه فيما بقي، وأن يتزود بالأعمال الصالحة في هذه الأيام المباركة فيجتهد في العبادات، وفي نوافل العبادات والتطوعات وتلاوة القرآن وكل ما يقرب إلى الله-سبحانه وتعالى-، يجتهد في تلك الأيام المباركة؛ فإنها تنصرم وتنقضي يومًا بعد يوم، وأحدنا لا يدري ماذا يعرض له، كما يقول عبد الله بن عمر-رضي الله عنه-:
إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وصلّ صلاة مودّع
فتنبه لهذا يا عبد الله، ولا يكن نصيبك في هذه الأيام هو الجوع والعطش تقليدًا وتبعيةً كما هو حال بعض الناس الذين يدخل عليهم شهر رمضان وينقضي وهو لا يُحسّون به، ولا بجو العبادة فيه، بل ربما عدّوه وقتًا مناسبًا لقضاء الوطر والشهوات، وقلة الحياء من الله في السهرات، وإضاعة الصلوات، وسهرٌ على ما حرّم الله-سبحانه وتعالى-، هكذا حال البعض.
ثم أيضًا تك تضييع لأهم ركن بعد الشهادتين وهي الصلاة، والصلاة عمود الدين، والصلة الوثيقة بين العبد وبين ربه، والعهد الذي بين المؤمن وبين ربه، فمن تركها فقد كفر ولو كان تركه تهاونًا على الصحيح.
فالمحروم مَن حُرِمَ الخير في هذه الأيام المباركة، وهو المعني بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : رغِمَ أنف امرئ دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يُغفَر له.
لأن جائزة المتعبدين الصائمين القائمين هي المغفرة والعتق من النار-جعلني الله وإياكم ممن هو أهل لذلك.