السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولم يكن حباً في الله ؟
لماذا يجرُّنا حبنا لأشخاصٍ إلى الأسفل ، فيما نحن أردناه حباً سامياً في الله لا ي
سقطنا
في أوحال الذنوب ، حباً لا تلوّثهُ مشاعرُ الغيرة ، ولا تعطّل طاقاتنا
الكامنة أشواقٌ مهدرة ، ولا تقتل أوقاتنا أحاديث عاطفية ، لا نخرجُ منها
إلا بمزيد من الشوق والضعف والألم .
الشّعارُ البرّاقُ الأول الذي يظهرُ لنا ونحن نحاول اكتشاف شخصٍ ما هو شعار الحبّ في الله .
فنعجب
بالتزام الشخص وتديّنه وحسن أخلاقه ، وما نزال ننجرفُ إعجاباً في مزاياه ،
فكأنه المخلوق الأسمى الوحيد الموجود على هذه الأرض .
نتقرّبُ إليه من باب الطاعات ، فمرافقة الصالحين كما هو معروف ، يزيدُ الإيمان ويرفع المؤمن ، ويقوده إلى درب النّجاة ..
بعد
فترة وجيزة نفاجأ بتعلّقنا الشديد بهذا الشخص ، وبانجذاب كبير نحوه ،
نخبره بمشاعرنا ، نسوقُ له أجمل عاطفة نحملها ، ونضعها بين يديه .
تعاطفه
معنا قد يجعله في أعيننا الشخص المنقذ لنا من الحزن ، فندخل عالماً جديداً
مختلفاً ، عالم الأنس والفرح والسلوى ، فنتوهم بأننا أكثر البشر سروراً ما
دمنا برفقة هذا المخلوق الذي أرسله الله لانتشالنا من آلامنا .
أيامٌ تمضي ، أعمارٌ تزهق ، وقلوبٌ تنهك ..!
ذات خصام ..
نصحو
من الحلم الجميل لحظة ، فنجد أنفسنا قد تأخرنا كثيراً عن القافلة السائرة
إلى النجاح ، فقطار الزّمن قد فاتنا ، كنا فيه معصوبي الأعين ، لا نرى إلا
ذلك الحب الذي سيطر على كلّ ذرة من كياننا .
نفتّشُ أوراق العمر ، فترعبنا نتائجنا ..
صفرٌ في تحقيق الذات ، تراجعٌ في مدرسة النّجاح ، هدرٌ واضحٌ في الطاقة البشرية ، سوء استغلال لنبض القلب ، تشتت روح ، وهنُ جسد ..!
خسارة فادحةٌ نمنى بها دفعة واحدة ، فتتملكنا الحيرة ..
لماذا لم نتقدم ، لمَ لمْ ننجح ؟ أولم يكن حباً في الله ؟!
نكتشفُ أخيراً أننا قد ألبسنا علاقة دنيوية رداءً من وهم صنعناه بأيدينا ، ليغطي أي خطأ ، وأسميناه حباً في الله ..
ولو أمعنّا النظر في أحوال الصّحابة ، ومحبتهم لبعضهم البعض ، لوجدناها محبة إيمانية ، وصلات واثقة ، وتنافسٌ على الجنّة ..
كيف لا وقد جمعهم الإسلام ، واستظلوا بمظلة الإيمان ، وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم ، فغدوا أحباباً في الله ..
فهل
كانوا ليتركوا العمل والجهاد والسعي للخير ويقضوا أعمارهم هباء ليتحادثوا
عن الحب ، عن الغيرة ، عن فتور في العاطفة أو اشتعالها !
حاشاهم أن
يفعلوا وهم أصحاب الهدف والهمّة ، كانت عاطفتهم كلها لله ورسوله ، يندرج
تحتها حب كل ما يحبه الله ورسوله وبغض ما يبغضه الله ورسوله ..
فإذا
شعر أحدهم بحبٍ يخفق في قلبه لأخ له في الله أتاه فأخبره عبارة بليغة
موجزة ، فقال له : " إني أحبك في الله " فيردُّ الآخر بدعاء راقٍ عظيم
المعنى ، فيقول : " أحبك الله "
وأيُّ شرف عظيم أن يحبه الله ، وأيُّ سعادة ينالها العبد في حب الله تعالى له ..
هؤلاء أناسٌ فهموا معنى الحب فاجتمعوا من أجله ، وتعاهدوا على رفعته ، فاستحقوا منابر النور يوم القيامة ..
وها قد أتينا للحياة ، أحفاداً لهم ، فلم شوّهنا هذه العاطفة ، ولم بعثرنا كلمة الحب حتى غدت بلا قيمة ترتجى ؟
أولا يدعونا ذلك إلى إعادة حساباتنا ، وترتيب مشاعرنا ، والارتقاء بالحب ..
فالمرء مع من أحب .
بريد